عادة ما تنشغل مدينة بيت لحم مهد المسيح في هذه الأوقات سنويا باستعدادات مكثفة لأعياد الميلاد المجيد غير أن المشهد مختلف جذريا هذا العام بسبب أزمة مرض فيروس كورونا.
فرضت إجراءات التدابير الاحترازية لمكافحة مرض كورونا بما في ذلك وقف استقبال السياح إلى بيت لحم في الضفة الغربية، باستعدادات باهتة لإحياء أعياد الميلاد المقررة بعد نحو شهر. و صرح مسئولون فلسطينيون أن الاحتفالات هذا العام ستجري وفق إجراءات استثنائية بسبب مرض كورونا بحيث تقتصر على الطقوس الدينية وبأعداد مقلصة. و عادة ما كانت مدينة بيت لحم تتحضر ببرامج خاصة لاستقبال الأعياد المجيدة وترتيبات مكثفة في هذه الفترة لتأمين الحجيج من دول العالم وهو ما لم يحدث هذا العام.
و يقول رئيس بلدية بيت لحم أنطون سلمان لوكالة أنباء (شينخوا)، إن احتفالات أعياد الميلاد لهذا العام ستتم بمشاركة الحد الأدنى من العنصر البشري وبإجراءات احترازية مشددة. و يوضح سلمان أنه من المقرر نقل الاحتفالات عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي كبديل عن الحضور الشخصي فيها، على أن يتم تحديد عدد الشخصيات المدعوة لحضور الفعاليات. و يشير إلى أن الأعياد بما تحمله من طقوس دينية وصلوات وإنارة الشجرة واستقبال البطريرك سوف تستمر لكن حجم المشاركة فيها سيكون مقتصرا على أعداد قليلة .
و وفق بروتوكولات وزارة الصحة الفلسطينية لتقليل الاحتكاك والازدحام. و ينبه سلمان الى أن بيت لحم أكثر المناطق الفلسطينية تضررا بسبب أزمة مرض كورونا وما تبع ذلك من تعطل للحياة الاقتصادية خاصة أنها تعتمد بشكل كبير على الحركة السياحية الخارجية المتوقفة بشكل كامل هذا العام. و توقفت أنشطة نحو 70 فندقا سياحيا في بيت لحم بشكل كلي تقريبا منذ مطلع مارس الماضي على إثر اكتشاف أول حالات إصابات بمرض كورونا في المدينة ما أدى لارتفاع نسبة البطالة بصفوف سكانها بحسب مسئولين محليين.
و لم يدخل المدينة منذ ذلك الوقت أي أفواج سياحية محلية أو خارجية، رغم استئناف العمل في معظم القطاعات في الأراضي الفلسطينية إلا أن مجال السياحة لا يزال مغلق. كما أن المحال الحرفية البالغ عددها نحو 170 محلا جميعها مغلقة ، إضافة إلى توقف نحو 100 مشغل حرفي من الحفر على الخشب والتطريز والزخرفة بسبب توقف حركة السياح. و بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ينشط ما يزيد عن 33 ألف عامل فلسطيني في مجال السياحة في محافظات الضفة الغربية تتركز النسبة الأكبر منهم في بيت لحم.
و يقول المتحدث باسم وزارة السياحة والآثار الفلسطينية جريس قمصية لـ (شينخوا)، إن الحركة السياحية في بيت لحم تضررت بشكل كبير الأمر الذي انعكس على حياة سكانها باعتبار أن ما نسبته 70 في المئة من اقتصاد المدينة يعتمد على السياحة. و يشير قمصية إلى أن ذلك يترافق مع مصاعب تحول دون إنعاش السياحة الداخلية في بيت لحم بسبب التدهور الاقتصادي العام للمواطنين الفلسطينيين « لذلك فإن المدينة تعتبر منكوبة لما وصلت إليه ».
و تبدأ احتفالات أعياد الميلاد سنويا في بيت لحم في 26 ديسمبر من كل عام على أن تجرى هذا العام وفق إجراءات خاصة وتحديد عدد المشاركين في الفعاليات الرئيسية من شخصيات دينية واعتبارية. و يقول قائد كشافة تراسنطا بيت لحم جورج قنواتي لـ (شينخوا)، إن فرق الكشافة سوف تشارك في الفعاليات وفق إجراءات التباعد ولبس الكمامات لغير العازفين ووفق إجراءات السلامة والوقاية. و يضيف قنواتي أن طقوس استقبال البطاركة والفعاليات الأخرى ستتم لكن بشكل مختلف عما جرت عليه العادة.
خاصة مع ظروف الوقاية والسلامة من خلال زيادة مسافة التباعد بين أفراد مجموعات الكشافة وإلغاء طقوس السلام. و بحسب إحصائيات فلسطينية رسمية، زار أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون سائح الأراضي الفلسطينية العام الماضي غالبيتهم إلى بيت لحم، قبل أن يتم إغلاق المدينة على إثر أزمة مرض كورونا. و في مثل هذه الشهور من العام تصل نسبة إشغال الفنادق في بيت لحم إلى نحو 80 في المائة بحسب ما أفاد رئيس الجمعية إلياس العرجا.
و يبرز العرجا لوكالة أنباء (شينخوا)، أن توقف حركة السياحة جراء مرض كورونا تسبب في خسائر بالفنادق بلغت أكثر من 100 مليون دولار حتى نهاية العام الجاري، معربا عن أمله أن لا تطول مدة الإغلاقات « لأن الوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل أكثر من ذلك ». و تضم مدينة بيت لحم كنيسة (المهد) التاريخية التي بنيت على يد قسطنطين الأكبر عام 330 م فوق كهف أو مغارة ولد فيها السيد المسيح ويعتقد أنها أقدم الكنائس الموجودة في العالم.
(المصدر: شينخوا)