عند الضفة الغربية لمجرى نهر الوزاني في جنوب لبنان ينتشر يوميا عشرات المواطنين ومن مختلف الأعمار، يصطادون لساعات طوال السمك النهري بطرق بدائية لرفع مداخيلهم في ظل تفاقم الفقر والبطالة والانعكاسات الاقتصادية لتفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).

مع ساعات الصباح الأولى، ينطلق المواطن الستيني فادي عبدالله وأولاده الثلاثة من بلدة الخيام الجنوبية الى نهر الوزاني للصيد عند ضفة النهر على مسافات متقاربة حيث ينتظر كل واحد منهم نصيبه مما سيعلق في صنارته. و قال عبدالله لوكالة أنباء (شينخوا) بينما كان ينتزع سمكة متوسطة الحجم التقطتها صنارته، إن صيد السمك في الأنهر اللبنانية الداخلية بات مؤخرا مهنة أكثر من كونه هواية. و أضاف أن صيد السمك النهري بات مصدر رزق لشريحة واسعة من العائلات الفقيرة والمتوسطة وخاصة الذين خسروا وظائفهم نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
و قال الشاب العشريني أسعد صعب من بلدة ابل السقي بجنوب لبنان لـ (شينخوا) الذي كان يراقب بدقة حركة صنارته وسط مجرى النهر، إن السمك النهري مرغوب جدا والطلب عليه يفوق العرض لأنه يسوق طازجا وأسعاره مقبولة وطعمه لذيذ. و أوضح أن كيلوجرام السمك يباع في هذه الفترة مقابل 25 ألف ليرة لبنانية (مايوازي 4 دولارات) في حين السمك المستورد المشابه يتجاوز سعره 50 ألف ليرة. من جهته، قال الشاب سامر غياض الحائز على اجازة جامعية في مجال إدارة أعمال لـ (شينخوا) ان “موسم صيد السمك هذا العام جيد في ظل تأخر سقوط الأمطار”.
و تابع “غلتنا اليومية من السمك تتراوح بين 2 الى 5 كيلوجرامات تباع بين 50 و125 ألف ليرة لبنانية، وهو مبلغ مقبول يساعدنا في مواجهة أعباء الحياة المتفاقمة”. و أضاف “نصطاد السمك بطرق بدائية بحيث نستعمل الصنارة والصندوق والشباك وعملنا يمتد من بداية الصيف وحتى هطول أمطار الشتاء، وبيعها يسد رمق العائلة ويؤمن مصدر رزق مقبولا”. و يستخدم رب العائلة الأربعيني جمال حمود الأقفاص المصممة خصيصا لصيد السمك، بحيث يرمي القفص بعد وضع الطعم فيه في غدير عميق وسط نهر الحاصباني ومع مرور الوقت تدخل الأسماك لتلتهم الطعم من خلال فتحة صغيرة لتعلق بداخله.
و قال حمود لـ (شينخوا) ان هذه الطريقة البدائية هي الأفضل لجمع كمية كبيرة من السمك النهري الممتاز الذي نبيع معظمه للمطاعم المنتشرة في حوضي نهري الحاصباني والوزاني. من جهته قال سالم ضاهر من بلدة القليعة الجنوبية انه بات عاطلا عن العمل بسبب الأزمة الاقتصادية وانه يصطاد السمك في نهر الليطاني محققا الكسب المادي مع الخروج من رتابة الحياة. و يعاني لبنان من تدهور اقتصادي ومعيشي حاد ومن تضخم في ظل أزمة مالية تتزامن مع شح في العملة الاجنبية وانهيار الليرة اللبنانية وسط توقف الحكومة في مطلع العام عن سداد الديون الخارجية والداخلية في إطار إعادة هيكلة شاملة للدين الذي يتجاوز 92 مليار دولار.
و قد أدى هذا الوضع الى اقفال عدد كبير من المؤسسات وتسريح عشرات آلاف العاملين وتصاعد البطالة وتراجع قدرات اللبنانيين الشرائية مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة تتجاوز 80 في المائة. و تفاقمت أزمات البلد بفعل تداعيات مرض (كوفيد-19) وانفجار مرفأ بيروت الكارثي الذي أدى الى سقوط آلاف الضحايا والمصابين وتهجير 300 ألف شخص اضافة الى أضرار مادية قدرت بقيمة 15 مليار دولار.
(المصدر: شينخوا)