تلقي الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية بظلالها على سيناريوهات ردودها المتوقعة على احتمال ضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية كما تهدد منذ أشهر.

وقع رئيس الوزراء الإسرائيلي وزعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو، ومنافسه رئيس حزب (أزرق أبيض) بيني غانتس، اتفاقا لتشكيل ائتلاف حكومي جديد يتضمن ضم أجزاء من الضفة الغربية مطلع يوليو المقبل. و يرى مراقبون فلسطينيون أن الردود الفلسطينية على عملية التنفيذ الفعلي للضم ستكون محدودة وتنحصر في التحركات الخارجية ضد إسرائيل وتقديم شكاوى ضدها في المحافل الدولية، في وقت يستبعدون فيه قطع كامل للعلاقات مع إسرائيل. و يقول مدير مؤسسة الدراسات الديمقراطية في رام الله جورج جقمان، لوكالة أنباء (شينخوا) إن احتمال ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى سيادة إسرائيل « يندرج ضمن سياسة متبعة يتم التحضير لها منذ سنوات بشكل تدريجي ».
و يرى جقمان أن إسرائيل تجد فرصة ذهبية متاحة الآن للإعلان عن ضم كبير لأجزاء حيوية في الضفة الغربية بعد أن رفعت الإدارة الأمريكية الفيتو عن الخطوة، مشددا على أن ذلك سيلغي حل الدولتين بشكل نهائي، دون وجود حلول بديلة قد تكون مرضية للفلسطينيين. و يشير إلى أن سيناريوهات ردود الفعل من السلطة الفلسطينية ستكون محدودة جدا ومرهونة بفترة زمنية معينة « لأنها تعاني من واقع تأثيرات الاحتلال ». و يقترح جقمان بهذا الصدد استمالة دول عظمى لدعم التحرك الفلسطيني في المحافل الدولية، وتقديم شكوى رسمية ضد القرارات الأمريكية-الإسرائيلية. و تعاني السلطة الفلسطينية من تراجع إيراداتها الحكومية والأنشطة التجارية، بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، بالإضافة إلى مشكلة عائدات الضرائب المحتجزة لدى إسرائيل.
و هدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مؤخرا بإعادة النظر في الموقف الفلسطيني من كل الاتفاقات والتفاهمات مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في حال تنفيذ مخطط الضم. و قال عباس إن الفلسطينيين سيكونون في حل من كل الاتفاقات مع إسرائيل حال إعلانها تنفيذ مخطط الضم، وسيحملون الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية كل ما يترتب على ذلك من « آثار أو تداعيات خطيرة ». و لوحت السلطة الفلسطينية مرارا في السنوات الأخيرة بوقف العمل بالاتفاقيات مع إسرائيل وأقدمت على خطوات على هذا الصعيد فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية في مقابل تجميد أي قطع للعلاقات الأمنية.و يرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني عليان الهندي، أنه يمكن للسلطة الفلسطينية العمل على فضح ممارسات إسرائيل ودعم الولايات المتحدة الأمريكية لها في المحافل الدولية.
يقول الهندي إن السلطة يمكنها كذلك « التوجه نحو حل الدولة الواحدة وفضح التمييز العنصري الناتج عن الاحتلال الإسرائيلي الذي يسلب كافة موارد الشعب الفلسطيني ». و يشير إلى أن إقدام إسرائيل على ضم أجزاء من الضفة الغربية ما كان ليتحقق من دون دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، « الذي يراهن على كسب تأييد جماعات اللوبي الصهيوني في ظل أزماته الداخلية ». و يشدد عليان على ضرورة أن يتخلص الفلسطينيون من « وهم » الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل « خاصة أن حل الدولتين انتهى بعد تصاعد وتيرة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية ». و يرى أن انشغال الدول العربية بمشاكلها الداخلية ولجوء عدد منها إلى إقامة علاقات تطبيعية مع إسرائيل ساهم بشكل كبير في جرأة أمريكا وإسرائيل على تنفيذ مثل هذا القرار.
من جانبه، يرى المحلل والمختص بالشأن الإسرائيلي في غزة عاهد فروانة، أن إسرائيل عملت على مدار سنوات لتهيئة الأجواء المناسبة للإعلان رسميا عن سيادتها على مناطق كبيرة من الضفة الغربية. و يقول فروانة « على مدار عقدين من الزمن تمكنت إسرائيل من تغيير صراعها مع الفلسطينيين من خلال تعزيز الصراع الداخلي في صفوفهم وتكريس الانقسام بينهم لسنوات طويلة ». و يعاني الفلسطينيون من انقسام داخلي مستمر منذ منتصف عام 2007 أثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأوضاع في قطاع غزة بالقوة بعد جولات من الاقتتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية. و يعتقد فروانة أن « السيناريوهات المتاحة للمواجهة فلسطينيا محدودة وضعيفة ومن المستبعد أن يكون لها أي تأثير جذري »، معتبرا أن الانقسام الفلسطيني عنصر أساسي في ذلك.
(المصدر: شينخوا)