تستغل إيران الصحة العامة، كسلاح سياسي لتصعيد الصراع والخلافات مع الولايات المتحدة، ولصرف الأنظار عن الإخفاقات الداخلية لإدارة نظام الملالي الذي أدخل البلاد في نفق مظلم منذ قدومه على رأس السلطة قبل عقود.
مع أو بدون العقوبات الأمريكية، فإن النظام الإيراني غير قادر ولا يرغب في إعطاء الأولوية لرفاهية مواطنيه، بحسب منظمة «الديمقراطية المفتوحة»، وهي منظمة إعلامية عالمية مستقلة. بينما يواصل فيروس كورونا المتحور (كوفيد-19) في حصد الأرواح المعرضة للخطر في إيران وفي جميع أنحاء العالم، حوَّل النظام الإيراني الأزمة إلى حلقة أخرى من التنافس السياسي وتبادل الحملات الدعائية بين الولايات المتحدة، ومحو الأسباب الجذرية لأزمة الرعاية الصحية في البلاد، وتحويل حياة ملايين الأشخاص إلى ورقة مساومة لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية. و تساءلت المنظمة: لماذا لن يؤدي رفع (أو تجاوز) العقوبات الاقتصادية الأمريكية وحدها إلى حل الأزمة الإنسانية المتزايدة في البلاد؟ وكيف لا تقل العوامل الداخلية مثل الحركات الاجتماعية أو أنظمة توزيع الثروة والموارد المختلة في الدولة أهمية (إن لم تكن أكثر) لحل فعَّال للأزمة الإنسانية والبيئية المتزايدة؟
و كشفت المنظمة عن بعض الأفكار المغلوطة الأكثر انتشاراً والتي روَّجت لها إيران فيما يتعلق بتأثير العقوبات. أكاذيب إيرانية: «خطأ أمريكا بالكامل» استغل النظام الإيراني وأنصاره العقوبات الأمريكية كفرصة للتخلص من إلقاء اللوم عليها ورفض المساءلة عن اقتصاد عسكري قائم على الحرب، وأشاع الخراب على أرواح الناس في الداخل والخارج. و من خلال حملاته الدعائية والمعلومات المضللة المنظمة جيداً، نجح النظام الإيراني في تصوير العقوبات الأمريكية على أنها السبب الوحيد أو الرئيسي وراء نظام الرعاية الصحية والاقتصاد في إيران. و يساعد الاستخدام واسع النطاق لكلمات مثل «سوء الإدارة»، النظام في التقليل من شأن العوامل الداخلية ومحوها، أو تصويرها على أنها مجرد أخطاء «عرضية» أو «لا تذكر» أثناء المبالغة في ذكر العوامل الخارجية.
الحقيقة أنه مع أو دون العقوبات الأمريكية، فإن النظام الإيراني غير قادر وليس مهتماً بإعطاء الأولوية لرفاهية مواطنيه وإدارة شؤون البلاد بطريقة طبيعية. و منذ ظهوره العنيف في عام 1979، صنع النظام المناهض للثورة أزمة تلو الأخرى وحرباً بعد حرب لصرف الانتباه عن أزمته الرئيسية في الداخل، وهي «الشرعية السياسية». و خلال العقود الماضية، استمر النظام الإيراني في زيادة الميزانية العسكرية للحرس الثوري الإيراني في الوقت الذي خفَّض فيه دعم الوقود، وكذلك برامج الرعاية الاجتماعية مثل الرعاية الصحية والتعليم. كما منحت الدولة مزيداً من الدعم لشبكة واسعة من شركات المقاولات والأعمال المصرفية التابعة للحرس الثوري الإيراني تحت مسمى «الخصخصة»، بما في ذلك إنتاج وتصدير النفط، ونتيجة لذلك، تم استنزاف ثروات وموارد البلاد، وتوجيهها لاستمرار الحروب والصراعات العسكرية الإقليمية.
فمن عقد من الحرب الاستبدادية الطويلة والاحتلال في سوريا، أو تمويل حزب الله في لبنان، إلى دعم الميليشيات الحوثية في اليمن، والميليشيات الطائفية في العراق، يواصل اقتصاد الحرب بقيادة الحرس الثوري الإيراني تدمير الحياة داخل وخارج حدود إيران. في حين يجادل أنصار النظام في أن حروب إيران الإقليمية هي «نتيجة طبيعية» للموقف الغربي العدائي تجاه طهران، تظهر الأدلة أن التوسع الإيراني الإقليمي وكذلك القمع الداخلي استمر (بل وزاد) خلال أوقات انخفاض الخصومة بين إيران والغرب.
(المصدر: الرؤية)