نحت السلطة الفلسطينية وإسرائيل خلافاتهما السياسية جانبا وكثفتا التعاون فيما بينهما في مواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) المتفشي عالميا.
يؤكد مراقبون أن أزمة كورونا التي فرضت نفسها على جدول أعمال الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ألزمتهما بالتنسيق والتعاون من أجل المصلحة الذاتية في الحد من تفشي الفيروس كون الشعبين متشابكين. و أكدت وزيرة الصحة في السلطة الفلسطينية مي الكيلة وجود تنسيق على مستوى رفيع مع إسرائيل في مواجهة أزمة فيروس كورونا عبر القنوات الثنائية الرسمية أو بواسطة منظمة الصحة العالمية. و قالت الكيلة للصحفيين في رام الله، إن لجنة طبية فلسطينية إسرائيلية مشتركة تجتمع بشكل دوري وعلى اتصال يومي للتنسيق بشأن تطورات مواجهة فيروس كورونا و انتشاره. و أوضحت أن التنسيق الحاصل يكفل تيسير إسرائيل إدخال الأجهزة والمعدات الطبية إلى الضفة الغربية وقطاع غزة بما في ذلك المستلزمات الضرورية مثل الألبسة الواقية وغيرها.
و أضافت الكيلة « لم نواجه أي إشكاليات حتى الآن في التنسيق مع إسرائيل رغم الخلافات السياسية، لأن أزمة كورونا لا تعرف حدودا ولا مواقف عدائية ويجب التعاون حتى لا ينتشر الفيروس في المنطقة ». و كان بدأ التنسيق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل مع الإعلان عن تسجيل أول حالات إصابة بالفيروس في مدينة بيت لحم في الضفة الغربية في الخامس من الشهر الماضي.،وفي حينه عمل الجانبان على تأمين مغادرة سياح أجانب من المدينة قبل إغلاقها. و صرح مسئولون من الجانبين بأنهما يجريان تدريبات طبية مشتركة لمواجهة الفيروس والتواصل مع المنظمة الصحة العالمية لجلب المعدات اللازمة. و تعمل الإدارة العسكرية الإسرائيلية لتنسيق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، على زيادة التعاون مع المسؤولين الفلسطينيين في تنسيق المساعدات الدولية من خارج المنطقة.
و صرح كميل أبو ركن منسق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية « إننا نبذل جهودا كبيرة، بالاشتراك مع جميع السلطات المعنية الأخرى، للحفاظ على صحة السكان في المنطقة ». و حتى الآن، تم تسليم الآلاف من مجموعات الاختبار والمزيد من الملابس الواقية والمواد المطهرة للفلسطينيين في الضفة الغربية. و إلى جانب ذلك، تم إحضار عاملين طبيين فلسطينيين إلى إسرائيل لتعلم كيفية تحويل الفنادق إلى مراكز علاجية، بينما عُقدت عدة اجتماعات بين أفراد طبيين فلسطينيين وإسرائيليين لتبادل المعلومات. و يتم ذلك فيما مفاوضات السلام متوقفة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل منذ منتصف العام 2014، فيما شاب الكثير من التوتر العلاقات بين الجانبين في السنوات الأخيرة.
و بلغ التوتر ذروته قبيل أزمة فيروس كورونا على إثر طرح الولايات المتحدة الأمريكية خطة للسلام معروفة إعلاميا باسم « صفقة القرن » رحبت بها إسرائيل ورفضها الفلسطينيون بشدة. و يرى المحلل السياسي من رام الله عقل أبو قرع أن ازمة فيروس كورونا فرضت نفسها على المنطقة والعالم على مختلف الأصعدة، السياسية والاقتصادية والصحية ومنظومة التحالفات والعلاقات والمصالح وغير ذلك. و يقول أبو قرع « في فلسطين نحن جزء من هذا العالم، ومع هذا التغيير الدراماتيكي غير المتوقع، تتغير الأولويات والترتيبات والمصالح، بما في ذلك علاقاتنا مع الجانب الإسرائيلي ». و يضيف أن « العلاقات بين الفلسطينيين وإسرائيل مختلفة عما قبل أزمة كورونا حيث أظهرت هذه الأزمة أنها لا تعرف الحدود أو التفاصيل الجغرافية الضيقة هنا وهناك ».
و يعتبر أبو قرع أن أزمة كورونا « أثبتت هشاشة ملحوظة في مؤسسات إسرائيل إزاء التعامل مع الأزمة، وأحدثت شقوقاً في ادعاء التفوق والجبروت ومقاومة الأزمات، وبالطبع فإن هذا سيكون له تداعيات على السياسة والاقتصاد وعلى العلاقات المختلفة وبالأخص على العلاقات مع الفلسطينيين ». من جهته، كتب المحلل الإسرائيلي تل ريف رام في صحيفة (معاريف) العبرية أن أداء السلطة الفلسطينية في مواجهة تفشي فيروس كورونا « يحظى بعلامة جيد في جهاز الأمن » بإسرائيل. و يقول إن « السلطة الفلسطينية تعمل بنجاعة، بشكل مرتب وبتنسيق كامل مع اسرائيل، سواء في الجانب الأمني أم في الجانب المدني، وتنجح في فرض الاغلاق والانضباط على الجمهور ».
و يضيف أن إسرائيل تتعاون مع الفلسطينيين « لأنها تتفهم أن الانهيار الوظيفي للسلطة سيدحرج الفيروس إلى البوابات الإسرائيلية ومن شأن مثل هذا الانهيار أن يصعد التحديات الأمنية ». و يخلص تل ريف رام إلى أن « مصلحة كل الأطراف هي أن تواصل السلطة الفلسطينية إدارة الأمور بمساعدة ودعم من اسرائيل، وفي هذه الأثناء تشكل أزمة كورونا فرصة ايضا ورافعة لتحسين العلاقات بين الجانبين ».
(المصدر: شينخوا)