قالت جايمي فيوكو، صاحبة مكتبة (فلايليف بوكس)، وهي مكتبة لبيع الكتب في تشابل هيل بولاية نورث كارولينا، إنه على الرغم من أن الولاية قد بدأت في إعادة فتح الاقتصاد، لكن مكتبتها والعديد من المتاجر الأخرى، تتعامل مع هذه الخطوة ببطء.

قالت في حديث مع (شينخوا) عبر البريد الالكتروني « لا نريد السماح للفيروس بالتأثير على العاملين معنا او عملائنا ومجتمعنا ». لقد أُغلقت مكتبتها أمام الزبائن منذ 16 مارس، وهي مغلقة حتى الآن، مع عرضها تقديم خدمة التوصيل المحلية، واستلام الكتب والمتطلبات من أمام المكتبة، دون الدخول إليها، وإرسال المشتريات بالبريد. لقد دخلت نورث كارولينا المرحلة الأولى من خطة الولاية المكونة من ثلاثة أجزاء لإعادة فتح اقتصادها يوم الجمعة، وانضمت إلى عشرات الولايات الأمريكية التي بدأت مؤخرا في السماح لبعض الأعمال غير الضرورية بالعمل، في وقت يتم الانتظار فيه لحصول انخفاض كبير بجميع أنحاء البلاد في حالات الإصابة بكوفيد-19، والوفيات الناجمة عنه. في هذه الأثناء، يعاني تجار التجزئة الصغار، مثل مكتبة (فلايليف) من مستقبل غير مؤكد، ويشعرون بالقلق من حدوث موجة ثانية من العدوى، إضافة لتقلص الدخل أصلا وسط تفشي الفيروس، بحيث تضعف الموجة الثانية، إن حدثت، الطلب وتكبح المبيعات.
القلق من الموجة الثانية
لقد حذر خبراء الصحة العامة والاقتصاديون من أن التحرك بسرعة كبيرة لإعادة فتح الولايات ونشاطاتها، قد يؤدي إلى موجة ثانية من العدوى، يمكن أن تؤدي إلى عواقب صحية واقتصادية خطيرة، بل وحتى إغراق الاقتصاد في كساد. في جلسة استماع افتراضية لمجلس الشيوخ يوم الثلاثاء، حذر أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، من أن الولايات المتحدة يمكن أن تشهد حالات تفش متعددة في جميع أنحائها وتواجه المزيد من الوفيات إذا « انفتحت الولايات والمدن قبل الأوان »، دون تهيئة القدرة على الاستجابة بفعالية وبكفاءة. أما مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في وكالة (موديز أناليتيكس) للتحليلات المالية والاقتصادية، فقال لشبكة (سي أن بي سي – CNBC) الأمريكية مؤخرا، « إذا حدثت لدينا موجة ثانية (للمرض)، فسيكون ذلك كسادا »، مضيفا « قد لا نغلق أبوابنا مرة أخرى، لكنها بالتأكيد ستقلق الناس وترعبهم وتثقل كاهل الاقتصاد ».
و على الرغم من الضغط القوي من إدارة ترامب لدفع تحريك الاقتصاد الأمريكي مرة أخرى، لا تزال عامة الأمريكيين منقسمة إزاء جهود البلاد لتخفيف قيود التباعد الاجتماعي وإعادة تشغيل الاقتصاد. قالت السيدة فيوكو، وهي أيضا رئيسة جمعية بائعي الكتب الأمريكيين، والتي تمثل حوالي 2000 من بائعي الكتب المستقلين في جميع أنحاء البلاد « هناك قلق كبير بشأن الموجة الثانية ». على الصعيد نفسه، قال كبير الاقتصاديين في الاتحاد الوطني لتجارة التجزئة، جاك كلاينهينز، في بيان مؤخرا، إنه « مع بدء فتح بعض المتاجر، مع رفع حكام الولايات أوامر البقاء في المنازل بجميع أنحاء البلاد، من المرجح أن يحدث التعافي الاقتصادي من هذا المرض، بشكل تدريجي وقد يختلف حسب المواقع ». و أضاف « من الصعب حاليا توقع العودة إلى العمل أو التسوق بطريقة مماثلة لما قبل الفيروس، حيث من المحتمل أن تعود العائلات بحذر تدريجي، وليس العودة الفورية إلى الحياة السابقة ».
قالت تشو سي مين، التي أطلقت متجرا بعنوان ((إيكرو – Ecru Emissary))، وهو متجر على الإنترنت يبيع بشكل رئيسي العلامات التجارية الصينية، قالت لوكالة أنباء ((شينخوا))، في مقابلة عبر الهاتف، إن أملها الوحيد في بدء نشاطها الذي يضم ستة أشخاص هذا العام، هو البقاء في السوق. و أوضحت قائلة « أنا قلقة إزاء احتمال أن يقلل الناس مشترياتهم من الملابس، بسبب قلة المال الذي لديهم، أثناء تفشي المرض »، معربة عن قلقها من أن إعادة فتح الاقتصاد قد لا تؤدي بالضرورة إلى ارتفاع المبيعات. كانت شركتها التي تتخذ من ماريلاند مقرا لها، قد شهدت نموا في السنوات الثلاث الماضية، وقد خططت لافتتاح أول متجر لها في مانهاتن، بنيويورك في وقت لاحق من هذا العام. و قالت تشو « من الواضح أنه يتوجب تأجيل هذه الخطة لمدة عام على الأقل ».
التكيف مع المرض
مع تبني العديد من الشركات لسياسات العمل من المنازل، وإغلاق المدارس، وبقاء المزيد من الناس في منازلهم، حدثت بعض التغيرات في أنماط الاستهلاك، ما دفع الشركات إلى تعديل استراتيجياتها مع هذه الأوضاع المتغيرة. قالت فيوكو « هناك طلب كبير على كتب حل الألغاز. لقد بعنا المئات من كتب الألغاز، مع الكتب الأخرى »، مضيفة أن « الناس يريدون قراءة كتب الإثارة أو غير الخيالية، التي تتعامل مع الأوبئة وعمليات الإغلاق في جميع أنحاء العالم ». و أضافت بائعة الكتب أن « الاتجاه الآخر هو قراءة القصص السعيدة التي تُسلي »، مشيرة إلى « لقد بعنا الكثير من كتب الأطفال وكتب المرحلة المتوسطة، لأن الأطفال خارج المدارس أيضا ». تعتمد المكتبات المستقلة بشكل تقليدي على الزيارة الفعلية للزبائن، ولكن في ظل الظروف الحالية، يتعين عليها تعزيز المبيعات عبر الإنترنت.
قالت فيوكو « سنسعى لتحفيز كبير للناس لطلب المشتريات عبر الإنترنت، والاستلام من بوابة المكتبة، بدلا من تواجد الكثير من الأشخاص في المتجر ». و قالت إن مكتبتها شهدت انخفاضا بـ14% في المبيعات منذ بداية العام، والتكاليف أعلى بكثير من ذي قبل، مع ارتفاع تكاليف الشحن، والدفع لعامل التوصيل، ومواد التعبئة والتغليف. من جانبه، قال ديفيد رايبشتاين، أستاذ التسويق من كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، لوكالة أنباء (شينخوا) عبر البريد الإلكتروني « بينما كنا ننتقل بالفعل إلى التجارة عبر الإنترنت، سيؤدي المرض إلى تغيير تدريجي لكل من المستهلكين والأعمال ». و أضاف « إذا لم تكن (بعض الأعمال) على الخط الإلكتروني، فقد تحركت بالتأكيد في هذا الاتجاه »، مشيرا أيضا إلى أن « العديد من الشركات التي فشلت في إجراء الانتقال (للتجارة الإلكترونية)، ستكون تخلفت عن الركب، بينما ظهرت شركات أعمال أخرى، إن لم تكن الموجودة قد ازدهرت أصلا ».
بالنسبة لشركة تشو، باعتبارها شركة ناشئة، تقول تشو إنها شهدت مؤخرا بريق أمل. فبعد انخفاض بنسبة 15% تقريبا في المبيعات في مارس، بدأ الانتعاش في أواخر أبريل. وخلال الأيام العشرة الأولى من شهر مايو، كانت هناك زيادة في المبيعات على أساس سنوي. و على الرغم من الأرقام الواعدة، تدرس تشو إمكانية توسيع أصناف المنتجات، بالإضافة إلى تقليص المخزون، من أجل الحد من المخاطر، وتحقيق إدارة أفضل لضغوط السيولة النقدية. قالت تشو « نخطط لبدء بيع البيجامات الشهر المقبل، وسنقدم المزيد من الإكسسوارات المنزلية، حيث لا يزال العديد من الناس يقيمون في المنازل »، وتخطط لتقديم المزيد من الملابس العلوية (قمصان وتيشيرتات) في الأشهر القليلة المقبلة، حيث أصبح الكثير من الناس يفضلون شراءها أكثر من البنطلونات، لأنهم يقيمون بالمنازل ويعملون منها. و أضافت تشو « آمل بأن تتحسن الأمور في أسرع وقت ممكن، ولكن من غير المرجح أن يكون التعافي سريعا، وستكون سنة صعبة ».
(المصدر: شينخوا)