لا تقتصر جهود شركة « فاغنر » الأمنية الروسية، على إمداد مليشيات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، بالمرتزقة، بل تسعى إلى توجيه الرأي العالم بالبلاد من خلال التدخل في الإعلام. و تعود ملكية الشركة الأمنية الروسية الأشهر إلى رجل الأعمال « يفغيني بريغوجين »، المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. و تتولى فاغنر، تنفيذ المهام الخارجية التي لا ترغب موسكو بتبنيها رسميا، حيث تعرف بدورها في ضم القرم، و الانخراط في الاشتباكات شرقي أوكرانيا، إلى جانب الانفصاليين، و إرسال المرتزقة إلى سوريا و دول إفريقية.
برز اسم الشركة في الآونة الأخيرة، مع احتدام الصراع في ليبيا، و قتالها في صفوف ميلشيات حفتر الذي يشن هجمات للسيطرة على العاصمة طرابلس. و ارتفعت أعداد المرتزقة الروس في ليبيا، بحسب تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية من 200 في سبتمبر/أيلول 2019، إلى ما بين 800 و1400 مرتزق في نهاية ذات العام، بينما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في فبراير/شباط الماضي، إن أعدادهم وصلت إلى 2500 مرتزق بليبيا. و لا تكتفي « فاغنر » بإمداد حفتر بالمرتزقة، بل تسعى لخدمة الأجندة الروسية، من خلال « خدماتها الاستشارية » الإعلامية والسياسية والمالية.
تسعى شركة « فاغنر » الروسية إلى تشكيل رأي عام مؤيد لـ »سيف الإسلام القذافي » نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، و لحفتر، وفق دراسة نشرها « مركز السياسات السيبرانية »، في جامعة « ستانفورد » الأمريكية. و أظهر تقرير أعدته مؤسسة « دوسير » للأبحاث، و مقرها لندن، أن شركة « فاغنر » أقدمت على أنشطة من قبيل « الدخول في شراكة بقناة (الجماهيرية) تلفزيونية تعود لنظام معمر القذافي السابق، و القيام ببث برامج لصالح « سيف الإسلام » نجل معمر القذافي، و حفتر.
كما أصدرت فاغنر، صحيفة موالية لحفتر، و قدمت خدمات استشارية لقناة تلفزيونية مؤيدة له، و إدارة حسابات تلك الوسائل الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي ». و استندت المؤسسة في تقريرها على مراسلات حصلت عليها بشأن أنشطة « فاغنر » في مجال الإعلام بليبيا. و وفق التقرير، استحوذت « فاغنر » على 50 بالمئة من رأسمال قناة « الجماهيرية » التلفزيونية لمعمر القذافي، و التي توقفت عن البث عقب الثورة التي أطاحت به، و من ثم استأنفت بثها من مصر.
و لفت التقرير الانتباه إلى أن القناة تطورت من حيث القدرات التقنية، عقب دخول « فاغنر » على الخط، و باتت تبث بانتظام بعدما كان ينقطع بثها كل شهرين أو ثلاثة. و أوضح أن القناة أصبحت تتمتع بشعبية كبيرة بين أنصار سيف الإسلام القذافي، حيث يعتقد أن نحو 6 ملايين شخص يتابعونها أسبوعيا.
و قبل نحو شهر، ذكرت وكالة بلومبرغ الأمريكية، في خبر، أن فاغنر، أجرت لقاءات مع سيف الإسلام القذافي، بهدف تنصيبه زعيمًا لليبيا. و قالت بلومبرغ، إن سلطات حكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دوليا، تمكنت العام الماضي من القبض على عميلين روسيين، و ضبطت في حوزتهما ملاحظات عن لقاءات عقداها مع نجل القذافي.
و وفقًا لتلك الملاحظات، أجرى العميلان الروسيان 3 لقاءات مع سيف الإسلام القذافي، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، و شارك في أحدها مستشار انتخابات روسي. كما تناقلت وسائل إعلام عالمية العديد من الأخبار حول أن خيارات روسيا لا تقتصر على حفتر في ليبيا، و أنها لازالت تبقي نجل القذافي سيف الإسلام بين خياراتها.
المصدر: العربي + وكالات