يرى الكاتب الكوبي ليوناردو بادورا أن الإنسان غلب كل الكائنات على كوكب الأرض إلا أنه بجد نفسه محاصرا « من حشرة مجهرية » مؤكدا أن العبرة المستخلصة من ذلك هي « أننا نحن كورونا العالم ».
ويقول ملك الروايات البوليسية في كوبا « أجل كنا سعيدين ولم نكن ندرك ذلك » مضيفا « ثمة جملة أخرى تعجبني أكثر وهي: +كنا بحال أفضل عندما كنا نظن أننا في حالة أسوأ ». و يضيف بادورا (64 عاما) أحد أكثر الكتاب المعاصرين انتشارا في أميركا اللاتينية « إننا نعيش فعلا الآن مرحلة لا تصدق في تاريخ جيلنا وأعني هنا الأشخاص الذين يعيشون هذه اللحظة ويتشاركون هذه اللحظة في حياة العالم ».
في حديقة منزله ومن على مسافة معقولة، يرد الكاتب على أسئلة وكالة فرانس برس. وهو محجور في حي مانتيا العزيز على قلبه في ضاحية هافانا حيث يشتمّ في شارعه رائحة الخبز الطازج المتصاعدة من فرن مجاور لا يضطر إلى الوقوف في طابور أمامه. ففي الجزيرة الخاضعة لحصار اقتصادي أميركي منذ العام 1962، تشكل الطوابير جزءا من المشهد اليومي وقد طالت بعد أكثر مع تفاقم النقص في خضم أزمة كوفيد-19.
و يقول الكاتب صاحب « الرجل الذي كان يحب الكلاب » المستوحى من اغتيال ليون تروتسكي، « المشكلة الرئيسية التي واجهناها في كوبا خلال فترة الحجر هي مشكلة مستمرة منذ 60 عاما وقد برزت أكثر راهنا وهي مشكلة المواد الغذائية ». إلا أن بادورا يشيد بإحدى نقاط القوة الرئيسة في بلاده وهي إرسال أطباء إلى حوالى عشرين بلدا في العالم للمشاركة في محاربة كوفيد-19 مع أن الولايات المتحدة تندد بظروف عملهم.
قدمنا كل حرياتنا للحكومات من أجل الخير العام
و هذا ضروري و لا بديل آخر، لكنه خطر…
يؤكد بادورا « قد نوافق على سياسة الحكومة و قد لا نوافق لكن الأطباء الكوبيين الذين انتقلوا للعمل خارج كوبا يستحقون كل احترامي و يجب عدم المساس بهم ». و يرى الكاتب أن الإنسان الذي يعتبر نفسه أقوى من كل عوامل الطبيعة عاد من خلال هذه الأزمة إلى خوفه من الموت. و يضيف قائلا « انتصر الكائن البشري على الجبهة البيولوجية التاريخية الطبيعية في العالم. لكن ظهرت حشرة صغيرة مجهرية قادرة على هزيمتنا. من شأن أن يلقننا بعض التواضع ». و يذهب بادورا أبعد من ذلك ليقول إنه يرى في ذلك انتقاما من الطبيعة في عالم يشهد قطع أشجار الغابات والاحترار المناخي والتلوث.
و يؤكد « نحن كورونا العالم. و فيروس كورونا المستجد يجعلنا ندفع ثمن ما ارتكبناه بحق العالم ». و أمام هذا الوضع الطارئ « قدمنا كل حرياتنا للحكومات من أجل الخير العام و هذا ضروري و لا بديل آخر، لكنه خطر ».
(المصدر: الاقتصادية)