فيما دخل العالم في سباق محموم لإنتاج أول لقاح لفيروس كورونا المستجد، يبرز سؤال ملحّ حول كيفية الوصول المستقبلي إلى العقار خصوصاً بالنسبة للدول الأقل دخلاً وإمكانات؟
حسب خبراء الاقتصاد والصحة، فإن الأمر يتطلب آلية نوعية وتعاوناً دولياً وثيقاً لتحقيق هذا المطلب، نظراً للعوائق الكثيرة التي قد تعرقل المساواة في توفير اللقاح عالمياً. و يبدو تحدي الملكية الفكرية للقاح من طرف مختبرات معينة، وسعي الشركات لتحقيق الأرباح الضخمة من طرحه في الأسواق، أبرز التحديات المستقبلية في هذا الصدد. و يشرح الخبير الاقتصادي المحاضر في جامعة «السوربون» بباريس فيليب أبكاسيس لموقع «أر إف إي» الفرنسي أن هناك حلاً قانونياً موجوداً فعلاً، يمكن من تجاوز الكثير من تحديات تعميم اللقاح عالمياً، مشيراً إلى إمكانية العمل بالتراخيص الإلزامية.
و يقول الخبير: إن الأمر يتعلق بإمكانية حصول الدول المحتاجة على رخصة إنتاج دواء موجود مهما كانت الشركة التجارية المنتجة له، موضحاً «يمكن للدولة طلب إنتاج هذا الدواء مع دفع حقوق الملكية، لكن دون الحاجة إلى إذن المنتج، إنها عملية قانونية وفق معايير منظمة التجارة العالمية، قد تكون معقدة إلى حد ما، لكن في هذا النوع من الحالات يمكن قبولها وتنفيذها». و فيما تحل هذه الآلية الجانب القانوني في الأزمة، تبقى مشكلة تمويل العملية، وهنا يلفت فيليب، إلى أنه يمكن للدول الأكثر احتياجاً اللجوء إلى منظمات عالمية مثل مؤسسة «بيل غيتس» للحصول على التمويل اللازم. و لفت إلى أن منتجي هذا النوع من الأدوية يلجؤون عادة إلى الموازنة بين إمكانية شراء العقار من قبل الحكومات وضمان ربحية الشركات، وذلك لتجنب الدعاوى القانونية المعقدة المتعلقة بتوفير العلاج للمحتاجين.
و قال فيليب: إن الدول النامية يمكنها انتهاج هذه الأساليب أو اللجوء إلى خيارات مبتكرة قد تكون الأفضل، بحيث يتم إيجاد نهج طوعي تماماً، يتجاوز الإطار القانوني لمنظمة التجارة العالمية، موضحاً «أي أن الشركات توافق، بدون إجراء قانوني، على توزيع هذا اللقاح مجاناً لجميع البلدان والأفراد الذين يحتاجون إليه، وهو أيضاً، احتمال حدث في السابق مع بعض الأمراض النادرة». و حول «طوباوية» هذا الخيار، يوضح الخبير الاقتصادي، أن الأمر لا يتعلق بعمل خيري صرف، إذ إن الدواء في هذه الحالة يباع للدول القادرة بأسعار عالية، فيما يوفر للبلدان المحتاجة مجاناً، وفق خطط تسويقية تسمح للشركات بالمحافظة على أرباحها وتوفر العلاج للفقراء.
(المصدر: الرؤية)