كشف وباء فيروس كورونا المستجد عن أزمة قيادة لدى العديد من الدول، فضحت عجز عدد من الزعماء حول العالم عن اتخاذ القرارات السليمة والابتعاد عن الأخطاء الكارثية.
حسب صحيفة «الغارديان» فإن تفشي «الفيروس» أبان عن تناقض سياسي في أداء الرجال والنساء في زعامة بعض البلدان، ففيما برزت كفاءة وقوة نساء مثل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن والرئيسة التايوانية تساي إنغ، ظهر تخبط وانعدام أهلية رجال مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي دونالد ترامب والبرازيلي جايير بولسونارو. و اعتبرت الصحيفة في مقال لكاتب الرأي سيمون تيسدال، أن «الذكورية» ليست فقط هي وحدها العامل المشترك بين الرؤساء الفاشلين في امتحان كورونا، حيث يتشارك هؤلاء في عدة صفات مميزة تشمل النزعة الحربية وفقر الخيال واللجوء الروتيني إلى العبارات القتالية والتعبيرات النمطية المبتذلة مثل «رئيس زمن الحرب» و«محاربة العدو الخفي».
و يلحظ تيسدال، كذلك سمات أخرى مثل انعدام التعاطف الشعبي، إلا أن العامل الأكثر أهمية، حسبه، يتمثل في التوجه السياسي للزعيم. و يشير بشكل عام، إلى أن الأمر يتعلق بقادة غير ليبراليين يدير بعضهم أنظمة استبدادية، ويرفضون القيود الديمقراطية والقانونية، وينتهكون الحقوق المدنية ويعارضون حقوق المرأة، ويتميزون بفرض القيود على الإعلام والتسامح مع الفساد. و يصف الكاتب، الرئيس الأمريكي بأنه بطل هذه المنافسة، مشيراً إلى نصيحته الأخيرة للتعامل مع مرضى الفيروس المستجد، عبر حقنهم بالمواد المطهرة، والتي لاقت موجة سخرية واسعة من طريقة تفكير الرجل. و يلفت إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يعد منافساً قوياً لترامب في طريقة إدارة الأزمة الصحية وتسيسها، حيث يصر أردوغان بشكل غريب على «وضع الاقتصاد قبل حياة البشر».
و يلفت المقال إلى منع أردوغان جهود المعارضة لجمع التبرعات لمكافحة الوباء، مثل ما حدث مع عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو الذي فتحت الداخلية التركية، تحقيقاً في مبادرته في هذا الإطار، مشيراً إلى أن أردوغان ربما يخشى «أوغلو» أكثر من «الفيروس» حيث يتوقع أن يكون منافساً قوياً له في انتخابات 2023. و يرى الكاتب أن أردوغان أخفق كثيراً في إدراة الأزمة، حيث فوَّت فرصة بتعزيز الوحدة الوطنية باستبعاده الإفراج عن نشطاء حقوق الإنسان وأصحاب الرأي المساجين ضمن مبادرة إطلاق سراح السجناء بسبب مخاوف تفشي كورونا. و ينتقل الكاتب إلى الفلبين، حيث قلل الرئيس رودريغو دوتيرتي في البداية من خطورة الفيروس، لينقلب بتصريحات صدمت العالم حول ضرورة قتل الشرطة لأي شخص يخترق التدابير المتخذة لاحتواء الوباء.
و في المجر، برز الزعيم الشعبوي اليميني، فيكتور أوربان، بعد أن منحه البرلمان الموالي له، سلطات بلا رادع لمواجهة كورونا، ما أثار مخاوف المعارضة في ظل عدم وجود موعد محدد لتعليق هذا القرار. و من أبرز الأسماء على قائمة الزعماء الأكثر فشلاً في الأزمة الجديدة، اسم الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، الذي يسعى حسب الكاتب إلى تحويل عداء الفقراء لتدابير احتواء الوباء، إلى ميزة سياسية، لافتاً إلى ترويج بولسونارو في البداية لكون كورونا «مجرد نزلة برد خفيفية». و في الصين، يرى الكاتب البريطاني، أن الزعيم شي جين بينغ، يحاول استغلال الوضع لأغراض سياسية لتنفيذ حملات قمع خصوصاً في هونغ كونغ.
و تلفت «الغارديان» كذلك إلى الوضع في الهند، مع «تألق» رئيس الوزراء ناريندا مودي ضمن أسماء القائمة أعلاه، نتيجة القرارات التي اتخذت مؤخراً والتي أدت إلى الكثير من الامتعاض بين السكان بسبب الكلفة الاقتصادية والاجتماعية الضخمة لها. و لم تخلُ القائمة من اسم الرئيس الروسي فلادمير بوتين، الذي «ينظر في ظل حالة من العجز» إلى تصاعد عدد الإصابات في بلده وتناقص أسعار النفط الذي يعد المورد الأبرز لموسكو. في المقابل، جاء الوباء في صالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تمكن من العودة لواجهة المشهد السياسي في ظل تهم الفساد التي تلاحقه، بسبب الظرفية الحالية التي تخوض فيها إسرائيل حربها ضد «كورونا».
(المصدر: الرؤية)