ما يزال العالم يبحث عن دلائل تشير إلى أن ارتفاع درجات الحرارة ودفء الطقس يساعدان على الإبطاء من انتشار فيروس كورونا الذي أودى بحياة ما يقارب 200 ألف شخص حول العالم، وأدى إلى انهيار الاقتصاد العالمي بسبب الإجراءات الاحترازية التي فرضتها البلدان من الإغلاق إلى تقييد السفر.
يأمل خبراء الأمراض المعدية بإيجاد أي دليل يحسم هذا الأمر، ولكنهم لا يستطيعون التأكد من ذلك، لأن فترة وجود الفيروس ليست كافية للعلماء لجمع كافة الأدلة التي يحتاجونها. و كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد توقع في فبراير الماضي، زوال فيروس كورونا المستجد في أبريل الجاري، وحينها أشاد بالخطوات التي اتخذها المسؤولون الصينيون لاحتوائه. و قال ترامب في البيت الأبيض «بحلول أبريل، أو خلال شهر أبريل، فإن الحرارة عموماً تقضي على هذا النوع من الفيروس». لكن الفيروس يواصل تفشيه، ولم تحدد السلطات الصحية حتى الآن موعداً تتوقع فيه أن يأخذ انتشار العدوى بالتراجع أسبوعاً تلو آخر.
و دعا ترامب مواطني بلاده إلى « الاستمتاع بالشمس » بعد الكشف عن دراسة تظهر انه من المفترض أن ضوء الشمس والحرارة المرتفعة تقضي أسرع على فيروس كورونا المستجد. و قال ترامب خلال الإيجاز اليومي لفريق العمل المسؤول عن مكافحة فيروس كورونا: « آمل أن يستمتع الناس بالشمس، وإذا كان لها تأثير فإن ذلك أمر عظيم ». و عرض المعلومات بيل بريان، رئيس قسم العلوم والتكنولوجيا في وزارة الأمن الداخلي، قائلاً إن مدة عمر الفيروس تنخفض إلى النصف خلال دقيقتين في ظروف الصيف مقابل 18 ساعة بدون أشعة الشمس. و لم يذكر بريان وترامب كيف أجريت الدراسة ولم يقدما أي بيانات جوهرية.
يجدر بالذكر أن الدكتور أنطوني فاوتشي، مدير المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض الوبائية، والدكتورة ديبورا بيركس العضو في فريق العمل المعني بمكافحة « كوفيد19- » لم يعلقا على محتوى الدراسة خلال المؤتمر. و من ناحيته، قال خبير الأمراض المعدية في جامعة إيس أنجليا البريطانية، إن كل ما علينا فعله حالياً، هو مقارنة الفيروس الحالي مع الفيروسات الأخرى التي انتشرت بطرق متشابهة. و بحسب المختصين، فإن التهابات الجهاز التنفسي كالإنفلونزا والسعال ونزلات البرد يمكن أن يكون لها تأثيرات موسمية. و من المعروف أيضاً، أن بعض الظروف البيئية يمكن أن تعزز انتقال الفيروسات، كالطقس البارد والرطوبة وطريقة العادات التي يقوم بها الناس خلال فصل الشتاء، والتي يمكن أن تؤثر جميعها على مسار الوباء.
و من جهتها، قالت ليانا وين طبيبة الطوارئ وأستاذة الصحة العامة في جامعة جورج واشنطن، إنه من غير المعروف ما إذا كان هذا الفيروس بالذات موسمياً أم لا، ولكن هناك فيروسات أخرى موسمية تنحدر من نفس عائلة فيروس كورونا. و قال سيمون كلارك وهو خبير في علم الأحياء الدقيقة الخلوية، إن السبب وراء افتراض أن الطقس البارد يسبب انتشار السعال ونزلات البرد والإنفلونزا، هو أن الهواء البارد يسبب تهيجاً في الممرات الأنفية والمجاري الهوائية، ما يجعلنا أكثر عرضة للإصابة بالفيروسات. كما تنتشر العديد من التهابات الجهاز التنفسي في قطرات يتم إطلاقها عندما يسعل الشخص المصاب أو يعطس، ووفقاً للخبراء فإن الأمراض عندما يكون الهواء بارداً وجافاً تطفو هذه القطرات في الهواء لفترة أطول وتسافر وتصيب المزيد من الناس.
قال أميش أدالجا، الباحث البارز في مركز جامعة جونز هوبكنز للأمن الصحي: «نحن نعلم أن الفيروسات تتأثر بالبيئة التي تعيش فيها، والعديد من الفيروسات لا تعيش في الأماكن ذات درجة الحرارة المرتفعة أو إذا كان التعرض للأشعة فوق البنفسجية مرتفعاً». إلا أنه حذَّر: في حين أن ظروف الصيف قد تضعف قدرة الفيروس على البقاء على الأسطح، فإن هذا لا يعني أنه لا يمكن أن ينتقل من شخص لآخر. و من ناحيته، قال الدكتور منتصر البلبيسي اختصاصي الالتهابات الميكروبية في تصريح خالص للرؤية إنه من الواضح أن الحرارة العالية للطقس لا تؤثر على الفيروس بما أنه ما يزال هناك حالات بأفريقيا وأمريكا الجنوبية وأستراليا على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة.
و أضاف أن هناك احتمال أن تخف قدرة الفيروس في فصل الصيف، ولكن ما يزال الأمر غير حتمي، أما عن اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً، عن استخدام الأشعة فوق البنفسجية للقضاء على الفيروس، فهو أيضاً لا يقتل الفيروس. أما الدكتورة هالة زهرالدين، وهي باحثة في مركز علم الجينوم والأنظمة الحيوية في جامعة نيويورك، أبوظبي، صرَّحت للرؤية أن هناك احتمالاً أن يكون انتشار الفيروس في المناطق الباردة والجافة أسرع وأخف منه في المناطق الحارة والرطبة، ولكن هذا لا يعني أنه يقف كلياً، بل هناك احتمالية لأن يخف انتشاره نسبياً.
(المصدر: الرؤية)