في العقود الأخيرة مرت أحداث عديدة على الولايات المتحدة وأدت إلى تغييرات كبيرة في عمل مختلف الأجهزة الأمنية الأمريكية، إلا أن وباء فيروس كورونا المستجد سيكون له وقع كبير على تطورات عمل هذه الأجهزة، حسب الخبراء، خصوصاً المخابرات منها، نظراً للإجراءات والتداعيات التي أسفر عنها.
رصد تقرير لمجلة «ذا ناشيونال إنتريست» الأمريكية، جوانب التغييرات المحتملة في تقرير نشر أمس الخميس اعتماداً على خبراء في الشأن الأمني والمخابراتي. و يقول جريج باركيا، خبير المخابرات المضادة الأمريكي للمجلة إنه وبدون تحديد الأعداء وإمكاناتهم بشكل واضح، من المستحيل تنفيذ الإجراءات المضادة الفعالة. ومن هنا تبدأ إجراءات تخفيف شدة أي احتمالات كارثية. و تميل الدول المتقدمة إلى الرغبة في تقييم إمكانات العناصر النشطة الخارجية، والداخلية أحياناً، والتي من الممكن أن تؤثر بصورة سلبية على الاقتصاد أو الصحة العامة أو على سمعة الدولة الخارجية.
و يشير الخبير في هذا الصدد إلى أن الوباء المتفشي تتوفر فيه جميع فئات معايير العدو، فالتأثير الاقتصادي كبير للغاية، ورفع معدلات البطالة إلى درجة قياسية، لافتاً في الوقت ذاته إلى أنه في ظل جبهة داخلية مشتتة التفكير، يعمل أعداء الولايات المتحدة في حرية، عسكرياً واقتصادياً. و ذكر الخبير أن تأثير الفيروس على الاستعداد البحري الأمريكي أدى إلى جرأة الصينيين وإغراقهم لسفينة صيد فيتنامية في المياه المتنازع عليها. و أوضح أنه سيكون هناك تحول جذري في نموذج عمل المخابرات الأمريكية على ضوء التطورات الأخيرة، حيث ستضطر، بشكل جدى، إلى تقييم عدو غير بشري ليس له أي نقاط ضعف سيكولوجية يمكن استغلالها، ولا تمكن الثورة الداخلية عليه ولا يمكن للتقنيات الحديثة تعقبه وليس لديه أي تعاملات مالية يمكن رصدها أو حراس يمكن تجنيدهم.
و يقول الخبير إنه: من المعروف أن القاعدة الأساسية في المخابرات هي أن يفكر مسؤولوها كما يفكر العدو. فكيف يمكن التفكير مثل عدو لا يفكر أصلاً؟ و يضيف جريج، الذي قضى 5 أعوام في الجيش الأمريكي كرجل مخابرات، زار خلالها العراق وأفغانستان، إنه يمكن توقع توسع كبير للغاية في المركز القومي للمخابرات الطبية، التابع لوكالة المخابرات العسكرية التي تنفذ عمليات تجسس لجمع معلومات استخباراتية عن مجموعة كبيرة من القضايا الصحية التي يمكن أن تؤثر على المصالح الأمريكية. و يؤكد جريج أن المخابرات الأمريكية تعتمد على المعلومات التى ترد إليها من شبكة واسعة النطاق من المصادر، والخبراء، وكذلك البيانات التي يتم جمعها ومعالجتها باستخدام تكنولوجيا أكثر تقدما من أي تكنولوجيا شهدها العالم. وعندما تحدث حالات فشل، فهي فشل حصري تقريباً، في تحليل المعلومات وليس في جمعها.
و حول التأثيرات المستقبلية للوباء على عمل المخابرات، يتوقع جريج أن يظهر نوع جديد من أولويات التوظيف للعمل في أجهزة المخابرات، حيث ستكون هناك حاجة لتوظيف أطباء وعلماء لهم خلفيات تتعلق بعلم الأوبئة والانتشار المستمر للأمراض. و في الوقت الحالي، يقوم كثير من الأطباء العاملين في أجهزة المخابرات بتقييم صحة زعماء العالم من خلال تحليل الصور ومقاطع الفيديو التي يظهرون فيها. و من الممكن أيضاً توقع زيادة التركيز على أحد جهود جمع المعلومات الأكثر تحدياً، وهو الجمع السرى للعينات البيولوجية، حيث يتم تحليل هذه العينات للتعرف على دلائل تحذر من انتشار محتمل لأي أمراض.
(المصدر: الرؤية)