تسبب مشروع تعديل قانون العقوبات الذي صادق عليه مجلس الوزراء الجزائري في جدل بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي فيما إذا كان هدفه الفعلي محاربة الشائعات من قبل الحكومة أم أنه محاولة جديدة لقمع حرية التعبير في وقت تحارب فيه الدولة وباء كورونا المستجد، حيث سجلت الدولة أعلى وفيات في قارة أفريقيا.
الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الذي ترأس اجتماع مجلس الوزراء الأحد عبر تقنية التواصل المرئي عن بعد، قال إن تعديل قانون العقوبات هدفه الحفاظ على المجتمع والحد نهائياً من الممارسات التي شوهت الدولة، وأن الدولة تسعى لأن تكون قوية وعادلة يزول فيها اللبس بين الحرية والفوضى. لكن نشطاء التواصل الاجتماعي انقسموا حول رؤية هذا الإجراء، فمنهم من أيد واعتبره ترتيباً للفوضى التي أحدثها نشر المعلومات عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي مثل: الناشط نصر الدين مهداوي، الذي كتب على صفحته على «فيسبوك»: قانون العقوبات المستجد جاء ليغير في نمطية النشر الإلكتروني عبر الوسائط الجديدة، والحد من الممارسات غير الأخلاقية التي تشكل عائقاً وخطراً على الفرد والمجتمع ».
في نفس السياق قال الناشط لؤي مجيد لؤي على صفحته مرحباً «قانون العقوبات الجديد.. جماعة الفوضى.. والمرجفون في المدينة.. نقطة وإلى السطر..» في المقابل، اعتبر المعارضون أن القانون يهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة للسلطة، وتقييد حرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي المتنفس الوحيد في ظل الغلق على المعارضة الذي تشهده الساحة الإعلامية بالجزائر. بينما أشار الإعلامي محمد إيوانوغان منتقداً «بناء الديمقراطية لا يبدأ من تعديل قانون العقوبات هذا يأتي في الأخير». و يرى الناشط السياسي والحقوقي الأستاذ فاتح قرد أن اللجوء في كل مرة إلى تجريم الظواهر الاجتماعية هو خطأ منهجي من طرف السلطة.
و يعتقد فاتح قرد في تصريح لــ«الرؤية» أن الظواهر الاجتماعية يجب يتم احتواؤها بوسائل التنشئة الاجتماعية المعروفة، أما الظواهر السياسية فيتم معالجتها بالحوار والتلاقي والنقاش في وسائل الإعلام لا تجريمها. و يرى قرد أن مشروع القانون ربما هو رد فعل من السلطة لتقييم الجهات الأمنية لبعض التجاوزات التي حدثت أثناء نشاط الحراك الشعبي، معتبراً أن الحل لا يتم عبر التجريم، وإنما عبر الحوار. و يجرم المشروع التمهيدي لقانون صدر عام 1966، الخاص بقانون العقوبات «الأفعال التي عرفت انتشاراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة إلى درجة تهديد الأمن والاستقرار في البلاد، وما يتم ترويجه من أنباء كاذبة للمساس بالنظام والأمن العموميين، والمس بأمن الدولة والوحدة الوطنية»، بحسب بيان للرئاسة.
و بعد ساعات من الموافقة على مشروع القانون قامت السلطات الجزائرية بأول الخطوات لفرض الرقابة على العديد من المواقع الإخبارية الناشطة في تغطية الحراك الرافض لتبون منذ البداية. و قالت تقارير جزائرية إن الرقابة تمت بسبب ما قالت إنه تمويل أجنبي غير قانوني تحصل عليه هذه الجهات، وهو ما أثار المزيد من القلق حول سعي السلطة الحثيث للسيطرة على الإعلام. و من جهته، كتب مدير منظمة «مراسلون بلا حدود» لمنطقة شمال أفريقيا خياطي صهيب، تعليقاً على الخطوات الأخيرة إن «الجزائر هي البلد الذي يسجل أكبر عدد من ضحايا فيروس كورونا في أفريقيا، وتفضل السلطات تركيز هجماتها على الصحافة الحرة».
و قال مؤسس ورئيس تحرير موقع «إنترلين» الإخباري الجزائري بوزيد إشعلالن إنه تم فرض رقابة على موقعه الإلكتروني، ليكون ثالث موقع جزائري يتم حجبه منذ الـ10 من أبريل، بعد موقع «مغرب إيميرجون» الإخباري وموقع «راديو إم» المرتبط به والذي يبث على الإنترنت.
(المصدر: الرؤية)