رغم فرحته باللقاء المنتظر شعر الكويتي ابو محمد، بغصة عندما لم يتمكن من تقبيل وعناق ابنته العائدة من الدمام على متن طائرة قادمة من السعودية ضمن خطة إجلاء بدأتها الكويت الأحد الماضي لإعادة رعاياها من الخارج في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد في العالم.
في مشاهد لم يعهدها الكويتيون في لقاء ذويهم بمطار الكويت الدولي، استقبل الأهالي أبناءهم العائدين من الخارج على غير المعتاد بقبلات طائرة وتلويح عن بعد ومصافحة « الكوع » بدلا من العناق والتقبيل والمصافحة التقليدية. و كانت هذه المصافحة الجديدة كفيلة بشعور ابو محمد، بغصة عند لقاء ابنته، التي كانت ينتظر قدومها إلى البلاد بفارغ الصبر. و يقول ابو محمد لوكالة أنباء (شينخوا) إنه برغم الوضع الحالي، الذي يمنعه من ضم ابنته فرحاً بوصولها إلا أنه يشعر بسعادة غامرة لرؤيتها. و يضيف « لقد انتابني الفزع حين علقت ابنتي في الخارج وتم إغلاق جميع المطارات، الوضع كان مخيفا في ظل الأحداث الحالية ».
و بدأت الكويت يوم الأحد الماضي المرحلة الأولى من خطة لإجلاء حوالي 50 ألف كويتي من عدة دول حول العالم في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد. و تستمر هذه المرحلة، وهي واحدة من خمس مراحل، حتى اليوم الثلاثاء وتتضمن عشرات الرحلات الجوية إلى 16 وجهة تضم عواصم ومدن خليجية وعربية وغربية. و بحسب المتحدث الرسمي في الطيران المدني ورئيس فريق الخطة التشغيلية لرحلات عودة المواطنين سعد العتيبي، فإنه بحلول اليوم سيعود 12 ألف مواطن إلى أرض الكويت. و دعا أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الأحد مواطنيه العائدين من الخارج إلى « الالتزام التام » بتعليمات السلطات الصحية، خاصة فترة الحجر الصحي، لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد.
و قال أمير الكويت في كلمة بثها التلفزيون الرسمي اليوم « أشدد على إخواني وأبنائي العائدين وبكل الحزم الالتزام التام بتعليمات السلطات الصحية، خاصة فترة الحجر المؤسسي والمنزلي وعدم الاختلاط حفاظا على صحتهم وصحة أسرهم وعلى سلامة المجتمع بأسره ». و تابع « كلي أمل بأن يكونوا على قدر المسؤولية وتحملها عرفانا ووفاء للوطن ولتجنب المساءلة القانونية ». و لم يغب أمر التعليمات الصحية عن بال ابو محمد، برغم مشاعره الجياشة تجاه ابنته، إذ قرر اختيار ما هو أصلح لعائلته. و أعد الرجل غرفة رئيسية مع حمام خاص فقط لاستعمال ابنته أثناء الحجر المنزلي الإلزامي لمدة 14 يوما.
و يقول في هذا السياق إنه « تم تجهيز غرفة كاملة خصيصا لها فقط، حيث سيتم استعمال الأدوات البلاستيكية فقط في تناول الطعام والشراب، وتم شراء غسالة صغيرة لغسل ملابسها، وأضافت والدتها ثلاجة صغيرة في الغرفة لحفظ وتخزين ما تحتاجه من طعام أو ماء ». و تقول منى الخميس، وهي إحدى الكويتيين العائدين من الخارج، فيما يتعلق بالتعليمات الصحية، ل(شينخوا) إن « التنظيم كان رائعا بشكل غير متوقع ». و تضيف أن القائمين على استقبال العائدين « وزعوا هدايا تضمنت أقنعة طبية ومعقمات كنوع من الترحيب ».
و تابعت الخميس « عند الانتهاء من ختم جواز السفر، قام ممثلو وزارة الصحة بتسليمنا سوار التتبع الإلكتروني وتنزيل تطبيق على أجهزتنا الهاتفية لمتابعة الأوضاع الصحية أثناء وجودنا في الحجر المنزلي الإلزامي ». و تشير الخميس إلى أن التطبيق يهدف إلى حمايتها وأسرتها وللتأكد من عدم كسر قواعد الحجر المنزلي. ففي حال خروج الخميس من المنزل سيقوم التطبيق بإرسال إخطار بذلك، ومن ثم يتصل الفريق الطبي بها فورا، حسب ما قالت. و دشنت وزارة الصحة الكويتية بالتزامن مع إطلاق خطة الإجلاء الأضخم في تاريخ البلاد، تطبيق « شلونك » (كيف حالك) ليلازم الأشخاص العائدين من الخارج أثناء فترة الحجر المنزلي.
و يعنى التطبيق بمراقبة الأشخاص المحجورين ومتابعة مواقعهم والأشخاص المخالطين لهم، ويتيح لهؤلاء إدخال بياناتهم الحيوية والتواصل مع الفرق الطبية في وزارة الصحة في حال ظهور أي أعراض لديهم، بحسب الإعلام الرسمي الكويتي. و يؤكد الكويتي عادل البغلي، الفخور ببلاده، أنه سيلتزم الحجر المنزلي من أجل الكويت. و قال البغلي لـ(شينخوا) لدى وصوله إلى مطار الكويت الدولي « أفتخر أنني كويتي، ففي ظل الظروف التي تعانيها أغلب الدول، تواصل حكومتنا العمل مع جميع السفارات لفتح المطارات خصيصا لنا ». و أضاف « سعادتي لا توصف، ولأجل الكويت سأبقى في الحجر المنزلي بحسب توصيات منظمة الصحة العالمية ». و في المطار، تواجد متطوعون عديدون من المواطنين والوافدين لخدمة العائدين وتنظيم الإجراءات الصحية، وكان من بينهم المتطوع الأردني محمد علاونة.
و يقول علاونة لـ(شينخوا) إنه انضم إلى مجموعة تطوعية لخدمة العائدين الكويتيين وتوجيههم بتعليمات وزارة الصحة. و يضيف « اعتبر الكويت بيتي الثاني، وأنا سعيد لأنني استطعت اليوم خدمة مواطنيها وتأديه دور فعال بالمجتمع ». و من المقرر إطلاق المرحلة الثانية من خطة إجلاء الكويتيين بالخارج الخميس القادم وتشمل 23 وجهة، وذلك بعد نجاح أول مرحلة، بحسب رئيس الإدارة العامة للطيران المدني الكويتية الشيخ سلمان صباح السالم الحمود الصباح. و أعلنت الحكومة الكويتية في بداية أبريل الجاري عن خطة لإعادة نحو 50 ألف كويتي من الخارج في الفترة من 19 من هذا الشهر وحتى 7 مايو المقبل.
(المصدر: شينخوا)