فيما تتصاعد وتيرة الخسائر البشرية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد في تركيا، تتكشف الحقائق حول الطريقة التي تعامل بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع الأزمة من الثقة المفرطة في قدرته على إدارتها، وصولاً إلى حالة الهشاشة المربكة التي أوصلت قراراته البلاد إليها.
في تقرير حول الموضوع، تناول موقع إذاعة فرنسا الدولية «أر أف إي»، تفاصيل الأزمة التي وضع أردوغان فيها نفسه، والتي أسفرت عن احتلال تركيا الرقم السابع في قائمة أكثر الدول تضرراً من الفيروس الجديد. و اعتبر الموقع أن أردوغان بدا في الأول واثقاً من قدرته على إدراة الأزمة، إلا أن ما تكشفت عنه الأيام كان معاكساً تماماً، حيث أظهرت الأحداث هشاشة سياسات الرجل داخلياً بشكل فاق التصور. و ينقل الموقع عن رئيسة برنامج تركيا في معهد الدراسات السياسية «إيفري» دورثي شيمد، قولها: إن أردوغان راهن على قوة النظام الصحي التركي، وأعطى كثيراً من التعهدات بالرفع من قدراته مع بداية الأزمة.
و أشارت إلى أن تركيا تضم نحو 39 ألف سرير عناية مركزة، فيما تعهدت حكومة أردوغان بزيادتها وتوظيف أطباء يُضافون إلى 165 ألف طبيب و200 ألف ممرضة يعملون حالياً في البلد الذي يتجاوز عدد سكانه 82 مليون نسمة. إلا أن كل هذه التعهدات لم تسفر عن أي نجاح ملموس للقيادة التركية في الأزمة المتفاقمة مع وصول عدد الإصابات إلى أكثر من 91 ألف حالة، وتجاوز عدد الوفيات 2140. و يشير الموقع إلى وجه آخر من تعامل الرئيس التركي مع أزمة كورونا المستجد، حيث تم استبعاد السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي والمعارضين من قرار الإفراج الذي أقرته تركيا مؤخراً، إذ تتواصل معاناة الآلاف من هؤلاء داخل السجون التركية.
و حذرت منظمة العفو الدولية من أن ظروف الاحتجاز في السجون التركية مزرية للغاية، ما يسهل انتشار الفيروس فيها وتحولها إلى بؤر للوباء. و تقول الباحثة الفرنسية دورثي شيمد إن الأحداث المتلاحقة أبانت عن انتقال الوضع في قمرة القيادة التركية من الثقة التامة في تدابيرها، إلى الإحساس بالهشاشة وعدم السيطرة. و رأت في القرارت والتطورات الأخيرة انعكاساً لهذا الإحساس، حيث حفلت الأيام الماضية بأنباء تدل على حالة التخبط التي يعيش فيها رأس النظام التركي، مثل قرار فتح تحقيق مع عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، بعد إطلاقه حملة تبرعات لمكافحة كورونا، إضافة إلى استقالة وزير الداخلية سليمان صويلو ورفض أردوغان الفوري لها.
و يعد الجانب الاقتصادي أهم «هواجس» أردوغان في هذه الأزمة، حيث يحجم الرئيس عن اتخاذ الكثير من التدابير الصارمة، خوفاً من التداعيات الكارثية للوباء على الاقتصاد وبالتالي على شعبية حزبه. و يشير الموقع إلى أن التحركات الأخيرة لأنقرة لتعزيز التعاون مع بعض الدول الأوروبية، تدخل ضمن إحساس أردوغان بضرورة التحرك لإنقاذ صورته التي تأثرت كثيراً لدى الجيران الأوروبيين بسبب التخبط الذي ميز خطه السياسي خلال الفترة الماضية.
(المصدر: الرؤية)