على غير العادة، شهدت شوارع المدن الإسرائيلية في الفترة الأخيرة، تواجدا لعدد كبير من الحيوانات البرية في ظل حظر التجوال المفروض وبقاء الناس بمنازلهم لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
دفع انتشار فيروس كورونا اسرائيل الى اتخاذ تدابير وقائية لمواجهته من بينها دعوة المواطنين للبقاء في منازلهم. و استغلت هذه الحيوانات الفرصة لتتجول في الأماكن التي هجرها البشر. و تقول ساريت عوكيد التي تسكن في مدينة عاراد جنوب اسرائيل لوكالة أنباء (شينخوا)، « رأيت الذئب بأم عيني في حديقة بيتي على بعد 10 أمتار حيث أقف.. قبل شهر كنت أخرج لممارسة رياضة المشي في الوادي وتوقفت عن ذلك ». و عادة ما يمنع ضجيج المدن والحياة الحديثة في البلاد هذه الحيوانات من الاقتراب من المدن المأهولة بالسكان، لذلك تفضل تلك الحيوانات الابتعاد عن هذه المناطق. و يقول عمير بلبان مدير مبادرة الحياة الحضرية في جمعية حماية الطبيعة في إسرائيل، « أصبحنا نرى عددا متزايدا من الحيوانات في مناطق لم تكن تدخلها في السابق ».
و يوضح بلبان لـ (شينخوا)، أن السبب في ذلك يعود إلى « حقيقة أننا لسنا موجودين في هذه المناطق بفضل الحجر الصحي المفروض في البلاد ». و لكل نوع طريقة مختلفة للتكيف والتفاعل، لكن الثدييات، بحسب بلبان، ذكية جدا « لذلك شعرت بشكل أسرع من الحيوانات الأخرى، بالتغير والاختلاف في النشاط البشري ». و بحسب بلبان، فإن الطيور المهاجرة في هذا الوقت من العام من إفريقيا إلى أوروبا، شاهدت مدن إسرائيل الفارغة أثناء رحلة الهجرة واغتنمت هذه الفرصة لملء الحدائق الهادئة في البلاد. و تشهد إسرائيل في الأيام العادية انتشارا للقطط في شوارعها، حيث تتغذى على الطعام الذي يتركه لها بعض الأشخاص الذين يهتمون بها. أما الآن فقد أصبح ما تبقى من بقايا الطعام من نصيب الحيوانات البرية. و قال بلبان « في الليل يمكننا سماع أصوات الثدييات مثل الثعالب وابن آوى والمزيد من الحيوانات الأخرى ».
و يراقب الناس هذه الحيوانات البرية من نوافذهم أو حدائقهم. و يشير حاييم برغير، وهو مرشد جولات سياحية في النقب، الى انه يتابع حركة الحيوانات المفترسة بشكل منتظم من خلال الجولات السياحية التي يقوم بها في ساعات المساء. و تابع برغير « عندما أرى الحيوانات خلال الجولات فانه أمر اعتيادي، لكن عندما يدخل الحيوان إلى البلدة فهذا الأمر ليس جيدا.. لقد سجلنا حالات تم خلالها افتراس للقطط والكلاب في البلدة ». و وصلت قطعان من الوعول النوبية إلى مدينة إيلات في أقصى جنوب إسرائيل، وهو مكان لم تصل إليه من قبل، بحسب بلبان. و جاءت الوعول لتناول الطعام في الحدائق على طول الشريط البحري. و أوضح بلبان أن هذه الظاهرة الفريدة من نوعها كان بسبب عدم وجود أي سيارات تقريبا، الأمر الذي جعل هذه الحيوانات تشعر بالأمان لدخول مدينة إيلات.
و في مدينة بئر السبع الجنوبية، أصبح السكان يشاهدون الضباع المخططة وهي تتجول في حدائق وأحياء المدينة في الساعات الأولى من المساء. و قال بلبان، إن « حيوان النيص استغل عدم وجود حركة مرور في القدس للتجول في حدائق المدينة ». كما أن الخنازير البرية أصبحت أكثر شجاعة من ذي قبل، حيث شوهدت وهي تتجول في حدائق مدينة حيفا الساحلية شمال إسرائيل. و قال بلبان « إن مشاهد الحيوانات البرية وهي تتجول في المناطق التي كانت مأهولة بالبشر ستتوقف عندما ينتهي الإغلاق ». و أضاف « عندما تعود الحياة إلى طبيعتها ويعود الناس إلى الشوارع، فإن الحيوانات ستعود إلى أماكن عيشها الطبيعية، لأن الناس والحيوانات لا يختلطان ». و بالنسبة لبلبان، فإن أحد الأشياء المهمة التي يجب أن نستفيد منها في هذه التجربة هو ضرورة تخفيف معدل التطور البشري والتأثير على البيئة الطبيعية.
و أوضح أن النمو المستمر للسكان، إلى جانب الاستيلاء على الكثير من الأراضي لتحقيق أرباح بشرية يؤثر على الطبيعة بشكل سلبي للغاية. و قال « بجهد ضئيل للغاية يمكننا تقليل الاستهلاك والهدر والوقود الأحفوري، وبدلا من ذلك يمكننا استخدام المزيد من الطاقة المتجددة » ، مشددا على ضرورة « احترام الطبيعة ». بدوره، قال أوري نافيه نائب مدير قسم العلوم في هيئة الطبيعة والمتنزهات الإسرائيلية انه لا يفترض أن تعيش الحيوانات البرية في المناطق الحضرية المأهولة بالسكان. و تابع نافيه في مقابلة مع (شينخوا) « لا يجب على هذه الحيوانات البرية الكبيرة التي تحتاج إلى البيئة والمساحات المفتوحة العيش في المناطق الحضرية، ولكن ليس لديها خيار بسبب السلوك البشري والتنمية ».
و بحسب نافيه، فإن الحيوانات البرية ستعاني إذا كان هناك تفاعل واختلاط بينها وبين الانسان. و وفقا لنافيه، فإن السيارات تصطدم الحيوانات البرية، وتطاردها الكلاب التي يستخدمها الناس للحراسة، وتتناول بقايا الطعام التي تضر بها. و أفاد نافيه أن 23 في المائة من الأراضي في إسرائيل محمية بموجب قانون الحفاظ على المناطق الطبيعية، مشيرا إلى أن « الطبيعة بكل أشكالها والنباتات والحيوانات خلقت توازنا متساويا ونحن جزء منه ».
(المصدر: شينخوا)