يضع وباء كورونا الجديد دول العالم أمام تحدٍّ كبير يتعلق بمستقبل التحالفات الدولية والتبادلات التجارية والنظام الاقتصادي العالمي في ظل التطورات الأخيرة التي كشفت عن هشاشة واضحة في مسار وهيكل التعاون الدولي.
في تقرير تناول التغيير الذي أحدثته أزمة «كوورنا» على واقع التعاون بين الدول، تَساءل موقع كريستيان ساينس مونيتور الأمريكي «هل يمكن أن يعود كل شيء إلى سابق عهده بعد نهاية الأزمة؟». و قدمت دولة الإمارات نموذجاً في الاستجابة العابرة للحدود التي مدت يد العون للدول والمنظمات والأفراد أيضاً. لكن تقرير كريستيان ساينس مونيتور أشار إلى أن امتناع بعض الدول الغنية عن مد يد العون للدول المتضررة، والتسابق لإصدار قرارات منع تصدير الأجهزة والمعدات الطبية، جعل الصراع بين الأنانية وروح الجماعة يبرز جلياً في ظل الأزمة الحالية. و أشار إلى أن الأزمة أجبرت الكثير من الدول على مواجهة هذا الاختيار القديم في تاريخ البشر، والذي تجسد الآن في الاختيار بين المصالح الوطنية البحتة أو المشاركة الواسعة في جهود التعاون الدولي.
و ركز التقرير على الاتحاد الأوروبي الذي انطلق كشراكة تجارية، وتوسع على مدى عقود ليصبح سوقاً واحدة متكاملة تماماً، مع جواز سفر مشترك، وعملة مشتركة، وهدف معلن صريح لتحقيق مستوى متماثل من التكامل السياسي أقرب ما يكون لـ«الولايات المتحدة الأوروبية». إلّا أن هذا الاتحاد يواجه الآن أزمة لم يسبق لها مثيل، كشفت تداعياتها عن خلل في بنائه التكاملي، وفقاً للتقرير، حيث لم تكن هناك استجابة فورية جماعية في فبراير وأوائل مارس عندما ضرب الوباء بقوة 3 دول أعضاء، إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، بل ووصل الأمر إلى حظر بعض دول الاتحاد، مؤقتاً، لتصدير المعدات اللازمة لمواجهة الوباء إلى البلدان الأكثر تضرراً في الكتلة الأوروبية. و برزت الأسبوع الماضي أزمة جديدة، مع نقاش الكلفة الاقتصادية الضخمة لتدابير مواجهة الفيروس في الاتحاد، تتعلق بالخلاف بين الدول الغنية ذات النمط الاقتصادي المحافظ مثل ألمانيا وبلدان شمال أوروبا، ودول الجنوب المثقلة بالديون.
و لفت التقرير إلى الصعوبات التي اكتنفت مسار النقاش بين الطرفين لإقرار خطة إنقاذ ضخمة بقيمة 550 مليار يورو لمساعدة الدول الأعضاء الأكثر تضرراً في الاتحاد، فيما تم صرف النظر عن إصدار سندات «كورونا بوند» بعد رفض دول مثل ألمانيا والنمسا وهولندا وبلدان شمال أوروبا خطة تشارك الديون وربط أنظمتها المالية باقتصادات دول الجنوب التي تصفها بغير الحكيمة في إنفاق الأموال. و أشار التقرير إلى أن الوضع الدولي ليس أحسن حالاً، مؤكداً أن الأنانية انتصرت في ظل هذه الأزمة على روح الجماعة في كثير من المناطق، مشيراً إلى أن جهود تحقيق استجابة دولية منسقة لمواجهة الكارثة الصحية، فشلت حتى الآن. و يشار في هذا الصدد إلى فشل مجموعة الدول السبع الكبرى في إصدار بيان مشترك أثناء اجتماع عقد مؤخراً بعد إصرار واشنطن على تسمية فيروس كورونا المستجد بفيروس ووهان.
و وسط هذه الصورة القاتمة، تبرز جهود دولة الإمارات لتقديم المساعدة في هذه الأزمة وشملت هذه الجهود إرسال شحنات إمدادات ومستلزمات طبية إلى أكثر من 50 دولة في مختلف أرجاء العالم. و كثفت الدولة من اتصالاتها وجهودها الحثيثة مع أكثر من 30 دولة حول العالم لبحث سبل احتواء جائحة كورونا. كما قدمت الإمارات أيضاً المساعدة لتعزيز مخزون منظمة الصحة العالمية من المستلزمات الطبية بما يدعم استجابتها في مواجهة الوباء العالمي.
(المصدر: الرؤية)