نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية، تقريراً يشير إلى مستوى الفقر الذي يعيشه سكان أحياء الفافيلا في البرازيل.
على الرغم من أن مدينة بليم البرازيلية، هي عاصمة ولاية بارا في شمال البلاد، وأكبر مدينة فيها، كما أنها بوابة لنهر الأمازون بمينائها المزدحم ومطارها ومحطة الحافلات والقطارات، فإن سكانها ما زالوا يعيشون في منازل خشبية تحيط بالأنهار الملوثة التي تجري في خليج غواجارا. يروي مواطن برازيلي للغارديان، يدعى ريناتو روزاس، وهو موسيقي، ويعمل في المعدات الطبية الحيوية الفقيرة، ونشأ في أكبر الأحياء البرازيلية الفقيرة كما وصفه، وهي مدينة بيلم: «إن سكان حي بايكساداس دا استرادا نوفا جوروناس، يعيشون فقراً مدقعاً، ومن بين التحديات التي يواجهونها الفيضانات والثعابين المميتة التي تعيش في حاويات القمامة، وعصابات المخدرات المسلحة». و في مارس الماضي، مع بدء تفشي جائحة كورونا، أغلقت البرازيل المدارس والشركات والمحلات التجارية، ويعاني سكان هذه المناطق العشوائية منذ الإغلاق من نقص في الإمدادات الطبية والغذائية.
و يعيش أكثر من نصف سكان بيليم البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة، في الأحياء الفقيرة، والأطفال الذين يتم إطعامهم عادة في المدرسة ويعانون من الجوع في المنزل. و هذه الأزمات تتكرر في أماكن مختلفة من البرازيل، ويعيش ما يقارب 14 مليون شخص في الأحياء الفقيرة المكتظة بالسكان. و سجلت البرازيل خلال أزمة كورونا 22 ألف حالة إصابة و1123 حالة وفاة، إلا أن هناك مخاوف من أن تكون هذه الأرقام أكثر بكثير من هذا المعدل. و يطلق على هذه الأحياء مصطلح فافيلا، وهي كلمة برتغالية يقصد بها الأحياء العشوائية أو القصديرية التي تنتشر في دول عديدة منها البرازيل. و سكانها يعانون من نقص البنية التحتية والدخل القليل، بيوتها من قطع الخشب أو من البواقي المعدنية، وعادة تبنى على أراضٍ غير شرعية وبنايات غير مرخصة، تنتشر بكثرة في المناطق البرازيلية ذات الحركة الاقتصادية القوية والجو الدافئ.
يعتبر أغلب سكان الفافيلا، فقراء أو تحت خط الفقر، يعيشون بأقل من 100 دولار أمريكي بالشهر، وتعاني الفافيلا من جرائم القتل، والمخدرات، وحرب العصابات. و أصبحت فافيلا مشهورة بالعصابات المسلحة. و بحسب «الغارديان»، يقوم قادة المجتمع والناشطون ومنظمو المبادرات الاجتماعية في الأحياء الفقيرة في ساو باولو وبيلم وريو دي جانيرو والسلفادور وماناوس وساو لويس، بتقديم المعونات ومستلزمات النظافة للسكان. و أعرب سكان هذه الأحياء عن قلقهم من أزمة الفيروس التاجي، إذ يخافون من انتشاره بسرعه فيها، خاصة أنها مكتظة بالسكان، ولا يتوفر بها الصرف الصحي الأساسي، والخدمات الصحية هشة جداً، حيث عانت في تاريخ سابق مع مرض السل وفيروس زيكا.
و في الآونة الأخيرة، كشف الوباء عن مدى قلة معرفة الدول البرازيلية بدرجة الفقر التي يعاني منها بعض مواطنيها. و وفرت الحكومة مدفوعات شهرية طارئة تبلغ 116 دولاراً لمدة 3 أشهر، إلى 25 مليون عامل عاطل عن العمل، كما جمدت فواتير الكهرباء لذوي الدخل المنخفض لمدة 3 أشهر. و مع ذلك، واجه بعضهم صعوبات بالحصول على هذه المساعدات، إذ يفتقر العديد من هؤلاء إلى أرقام الضمان الاجتماعي، كما لاحظ الناشطون أن فئة كبيرة من المجتمع لا تملك الهواتف المحمولة أو رصيداً للوصول للإنترنت. و أظهر بحث أجراه معه لوكوموتيفا ومنظمة فافيلاس سنترال، أن 80% من سكان فافيلا فقدوا وظائفهم بسبب أزمة كورونا، ولا تملك الأسر ما يكفي من الغذاء لأكثر من أسبوع.
71% من سكان فافيلا ضد إلغاء إجراءات الإغلاق، لأنهم ببساطة لا يملكون خيار التوقف عن العمل. و بعد تعليق الرئيس البرازيلي للإغلاق، وأمر البرازيليين بالعودة إلى العمل، كان هناك 3 من السكان في الحجر الصحي المنزلي للاشتباه في إصابتهم، إلا أنهم عادوا لممارسة أعمالهم بشكل طبيعي وسط الازدحام والاكتظاظ، وذلك وفقاً لكريستيان مينديز التي تعمل في إحدى الجمعيات الخيرية التي تقدم المساعدات للفقراء. و أكدت مينديز، أن أزمة كورونا ألقت الضوء على معاناتهم، وزادت من صعوبة الحياة بما فيها مشاكل المياه والغذاء والأمن، وأكدت أن الجانب الإيجابي هو أن العالم يسمع صوت أحياء فافيلا.
(المصدر: الرؤية)