مع تفشي فيروس كورونا المستجد والتدابير الاحترازية المتخذة من فرنسا والكثير من بلدان القارة الأفريقية، برزت أزمة جديدة أفرزها الواقع الذي فرضه الوباء، وتتعلق بمصير جثامين الموتى من المهاجرين وذوي الأصول الأفريقية والمسلمين عموماً.
سلط تقرير نشرته صحيفة «لوموند» اليوم، تحت عنوان «الأفارقة في فرنسا لا يعرفون أين يدفنون موتاهم» الضوء على الأزمة المتفاقمة في ظل تزايد أعداد الوفيات نتيجة الفيروس المستجد بين هذه الفئة من سكان البلاد. و حسب الصحيفة، فإنّ للمشكلة عدة أوجه، تشمل أبعاداً دينية واجتماعية، تتعلق أولها بالمهاجرين من الدول ذات الأغلبية المسلمة في أفريقيا والذين يشكلون نسبة معتبرة ضمن النسيج الاجتماعي الفرنسي، فيما تتعلق الثانية بتقاليد ممارسة في الأوساط المهاجرة منذ عقود من الزمن تحتم على الأسر إعادة جثامين المتوفين منها إلى بلدانهم الأصلية لدفنهم في مقابر عائلية. و وفقاً للتقرير، فإن جانب الأزمة الأكثر حدة على المستوى الديني، يكمن في النقص الكبير في عدد المساحات المخصصة للمسلمين في المقابر الفرنسية.
و تنقل الصحيفة عن مدير إحدى الشركات الفرنسية العاملة في مجال تنظيم الدفن والجنازات للجالية المسلمة، قوله: إن 80% من الجثامين التي تتعامل معها شركته الآن، هي لمتوفين نتيجة الإصابة بكورونا المستجد، مشيراً إلى أنه مع تدفق طلبات الدفن منذ اندلاع الأزمة الصحية الحالية، بات عليهم الانتظار لنحو أسبوع لتنفيذ إجراءات الدفن والتي لم تكن في السابق تستغرق أكثر من 48 ساعة. و لفت إلى أن الزيادة الكبيرة في أعداد المتوفين من الجاليات والفرنسيين المسلمين دفعت بعض المقابر إلى الإعلان عن عدم وجود أماكن دفن في المربعات الخاصة بالمسلمين في المقابر البلدية. و حسب بيانات رسمية اعتمد عليها التقرير، فإن عدد المربعات المخصصة للمسلمين، ارتفع في عام 2015 إلى 449 في نحو 36000 بلدية في فرنسا، وفي غضون 5 سنوات، كانت هناك زيادة بنسبة 125% في المساحات الإسلامية.
و تشير «لوموند» إلى أن المسألة الثانية المتعلقة بنقل الجثامين إلى البلدان الأصلية للمتوفين، باتت أمراً في حكم المستحيل في ظل الظروف الحالية. و تنقل الصحيفة عن الباحثة الاجتماعية في مركز ماكس ويبر في ليون فاليري كوزول، قولها: إن نسبة ترحيل الجثمان عند الوفاة تصل لدى بعض المجتمعات المهاجرة في فرنسا إلى 85% من مجموع الوفيات المسجلة ضمن هذه الفئة من السكان. و لفت التقرير إلى أن الكثير من الدول، منعت استقبال جثامين المتوفين خارجها، بسبب مخاوف تتعلق بتفشي الفيروس الجديد، مثل دول المغرب العربي وغينيا ومالي وساحل العاج، فيما يشترط البعض مثل السنغال تقديم شهادة رسمية تفيد بعدم إصابة المتوفى بالفيروس القاتل.
(المصدر: الرؤية)